امنموبي الفرعون
عدد المساهمات : 60 نقاط : 29402 السٌّمعَة : 9 تاريخ التسجيل : 05/07/2009 العمر : 32 الموقع : مصر
| موضوع: محاكمة المتوفي السبت أغسطس 29, 2009 12:28 pm | |
| قد كان لاعتقاد قدماء المصريين في الحساب بعد الموت أكثر الأثر في ردع النفوس عن إرتكاب الذنوب والشر .
تصور المصري القديم أن الاله أوزير سيكون سيد مملكة الموتي والمشرف علي حساب المتوفي ، وقد صور كتاب الموتي من عهد الدولة الحديثة المحاكمة أوضح تصوير وعبر عنها باللفظ والصورة . ويظهر الإنسان في الحال بعد الموت أمام محكمة أوزير لمحاسبته عما فعل من حسنات وأقترف من سيئات ليلقي الجزاء العادل . و نجد المتوفي يؤدي إمتحاناً عسيراً عما قدموه في دنياهم خيرا كان أم شراً ولن ينجح في هذا الامتحان الالهي اصحاب الثروة والجاه والأهرامات الشاهقة والقبور الفخمة وما يقدملأصحابها من قرابين وأدعيات وانما سيكون النجاح فيها من نصيب أصحاب العمل الصالح وذوي النفوس الطيبة وهكذا أصبح من مستلزمات ذلك العهد أن المرء لابد أن يجتاز امتحانا عسيرا أمام هذه المحكمة لينال السعادة المنشودة في العالم الآخر .
يرأس الإله اوزير محكمة العدل جالسا في عرشه في ناووس قائم في صدر القاعة المكلل سقفها بالقناديل وعلامات الحق وأمامه أحفاده ابناء حور ( امستي - دواموت اف - قبح سنو اف - حابي ) وإلي جانب ملك الموتي كان يجلس القرفصاء أثنان واربعون مارداً غريباً رؤسهم كهيئة الثعابين أو الصقور أو العقبا أو الكباش وامام هذه المخلوقات التي أطلق عليهم " آكلة الدماء " و " واسعي الخطي " و " آكلة الظلال " و "الؤوس الملتوية " و " عين اللهب " وغيرها من الألقاب ، وفي يد كلا منهم سيف لقتل الخاطئ ووظيفتهم ملاحظة ما يظهر في كفتي الميزان الذي يزن الحسنات والسيئات ، وعلي محور الارتكاز يجلس قرد برأس كلب " رفيق تحوت كاتب الألهة والإله أنوبيس برأس أبن أوي يختبر لسان الميزان وفي مواجهة أنوبيس وعلي يسار الميزان يوجد الاله " شاي " إله الحظ و"مسخن " ( وهو عبارة عن ذراع مكعب برأس أدمي يعتقد البعض أن له صلة بمكان ميلاد الشخص ) والهتي الولادة وتربية الاطفال " مسخنت " و" رننت " ويظهر روح المتوفي في هيئة طائر برأس انسان يقف علي بوابة والي اليمين وراء أنوبيس يقف تحوت ممسكا في يديه لوحة الكتابة والقلم حتي يسجل نتيجة المحاكمة وخلف تحوت تتربص الملتهمة " عميت " في صورة مخيفة وهذا الحيوان عبارة عن حيوان مركب له رأس تمساح وبدن أسد ومؤخرة فرس النهر .
ثم يدخل المتوفي من باب القاعة مصحوباً بزوجته رافعا يديه بالدعاء قائلا :- أنا طاهر.. انا طاهر وأرجو ألا يمسني شر في محكمة العدل " وبعد ذلك يتقدم الاله انوبيس ويقود المتوفي أمام الاله الجالس الحاكم ثم يقول :- " السلام عليكم يا سيد الغرب ، اني حاضر أليك بدون ذنب عليّ وما كنت أتكلم السوء ولم أخادع فامنحني سكنا طيبا في حقول إيارو " . ثم يستكمل مرافعته عن نفسه فيقول :- " سلام عليكم أيها الاله العظيم صاحب الحق ، اني جئت أليك يارب خاضعا أمامك لأعاين مجدك ، اني اعرفك ، واعرف اسمك واسماء الأثنين واربعين قاضيا الجالسين معك في قاعة العدل والمتغذيين من لحوم العصا والمرتون من دمائهم في هذا اليوم العظيم وفي هذه الساعة الرهيبة " .
ولعل من الأهمية بمكان الاشارة اليه ان المتوفي عليه ان يقدم نوعين من الدفاع : - * الدفاع الأول :- عن نفسه وهو دفاع عام * الدفاع الثاني :- الي كل من القضاه باسمه وصفاته وأن يبرئ نفسه امامهم من اثنين واربعين خطيئة .
وان هذا القسك من كتاب الموتي يشيع اطلاقا لفظ الاعتراف وحتي ان بعض المحررين أضاف كلمة " سلبي " وبهذا اصبح يسمي " الاعتراف السلبي " ونجد المتوفي في الدفاع يقول :- " لم أذبح الناس .. لم اسلب .. لم انهب الطعام .. لم آثر الخوف .. لم آثر الصراع " . ثم يستكمل " لقد اتيت اليك يا آلهي / متحليا بالحق ، متخليا عن كل خطئية فاني لم أظلم أحد ولم أسلك طريق الشر ولم أأشته إمرأة قريبي ولا مال غيري ولم أكذب قط ولم أخالف الأوامر الإلهية "
وعندما دافع عن نفسه بنجاح علي هذا المنوال أمام المحكمة العظمي بأجمعها فإن المتوفي يخاطبهم في ثقة ويقول: - " التحية لكم أيها الآلهة اني اعرفكم اني اعرف اسمائكم لا اسقط امام انصالكم ، لا تبلغوا السوء لهذا الاله العظيم الذي تتبعونه " .
ويجول المتوفي علي ارباب الاقاليم ثم بقوم القضاة بسؤاله 42 سؤال ويقولون : - - هل عشت اجلك كاملا كما حدده الرب - هل رعيت حق بدنك عليك - هل حفظت جسدك طاهرا كالثوب الابيض - هل سرقت ماليس لك - هل برأت من النظر الي جسد امك وخالتك واختك - هل اذيت او عذبت حيوانا........ وغيرها من الاسئلة
ثم يعرض علي الميزان والمعبودة ماعت ممثلة الحق والاستقامة في كفة الميزان اليمني وقلب المتوفي في اليساروقد اختاره المصري القديم تحديدا لانه مصدر النية والمشاعر . فاذا كان المتوفي صادقا في دفاعه فاستقام لسان الميزان وحينما يشاهد قلبه هكذا يرتجف منزعجا ويقول :- " ايها القلب الذي خلقت لي وانا خلقت لك في عالم التكوين واتيت معي الي الدنيا ولا تنازعني ولا تناقشني ، الحساب بين الاله ومجلس اقضاة في هذا الوقت الخطير واليوم العبوس ولا تسقط كفة الميزان أمام الاله اوزير والديان العظيم ".
فاذا استطاع ان يؤكد انه لم يسرق ولم يخن زوجته ولم يسب الملك ولم يرتكب اية خطيئة من الخطايا الأثنين والاربعين واذا ظهر الميزان الكبير الذي يزن قلبه فيه انه برئ فان الاله تحوت كاتب الالهة يسجل حكم المحكمة ببرائته ، ويقول أوزير له :- " فليخرج الميت فائزا من قاعة العدل وليذهب حيثما شاء لتفتح له أبواب الجنة ولتزفه جميع الالهه اليها ولا تتعرض له حراس السماء بسوء وليعطي له ثيابه من الكتان الجيد ويرد له قلبه ولتوهب له حياة جديدة وليجلس في الفردوس السماوي "
اما اذا ثقلت موازينه فتلتهم قلبه ذلك الحيوان المفترس الذي يسمي بالعميت وهذا معناه الفناء الكامل وعدم البعث مرة اخري وفي ذلك الحين يقول اوزير له :- " اذهب عني ايها الشرير الي الجحيم لتلاقي اشد العذاب ، انتم ايها القضاه اقتلوه بسيوفكم وتغذوا الان من لحمه واشربوه من دمه ، وانتن ايها الارواح الشريرة اضربنه بالحديد واحرقوه بالنار ، وانت يا عمعم الوحش المفترس قطعه اربا اربا وتغذي من احشائه " .
اما النفس التي ارتكبت بعض الهفوات فلابد ان تذوق بعض العذاب وقتا ما لتطهيرها قبل دخول الجنة . وقد ورد في كتاب الموتي حفرة من النار موضوعة تحت حراسة الالهه الاربعة لتطهيرها في هذا المطهر ومحو هفواتهاوبعد ذلك لابد ان يتغلب عي بعض المخاطر فيمر علي مكان فيه غرف كثيرة ومظلمة تحت مراقبة الوحوش الضارية وقد وصف ذلك بالتفصيل في كتب الموتي التي كانوا يضعونها مع الاموات في قبورهم لتنبئهم علي هذه المهالك لتسهل له الوصول الي الجنة
واعتقدوا ايضا ان الحياة الاخري التي يعشيون فيها بعد الموت عبارة عن حقول زراعية جميلة ينمو فيها القمح والاشياء الطيبة وتجري فيها الانهار حيث تروي الارض بدون شادوف واطلقوا عليها اسم " ايارو " فعندما يصل المتوفي الي هذه الحقول لايكون مضطرا للاشتغال بالحرث والحصاد بل يتمتع بالاكل والشرب والنوم والجلوس في ظل الاشجار ويتمتع بريح الشمال المنعش .
واعتقدوا ايضا ان هناك جزيزة تسمي " جزيرة السعادة " تشقها قنوات المياة وتصوروا ان القناة الثالثة من هذه الجزيرة كانت تقع بين مستنقعات الدلتا التي عمت الوجه البحري وكانت تحوي عددا كبيرا من الطيور ومن كل ذلك نعلم انهم صوروا الحياة الاخري علي شكل جنة ارضية وعلي شكل مملكة بعيدة عن مدي بصر الانسان .
وهكذا استطاع المصري القديم ان يقتربوا الي حد ما من المبدا الذي قررته كتب السماء وهو ان الاخرة نتيجة العمل الصالح . | |
|